تحولت المناظرة السياسية التى عقدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أمس الثلاثاء تحت عنوان "الضمانات المطلوبة فى الدستور لحماية الحريات الدينية"، إلى هجوم على جماعة الإخوان المسلمين وصبحى صالح القيادى البارز بالجماعة، بعد أن أشعل تصريحه"أن غير المسلمين هم أهل ذمة " مناخ المناقشات فى المناظرة التى كان من المقرر أن تدور حول الضمانات القانونية.
وقال صالح أن الدولة ظاهرة إنسانية وفى القانون لها شخصية اعتبارية ولها ما للشخص العادى من خصائص، ولا بأس أن يكون لها اسم وذمة مالية ودين خاص بها، مضيفاً: "من حقى أن أنتصر لرأيى فى النهاية حتى أثبته"، مؤكداً أن البهائية لا تعد ديانة سماوية ولا تتعدى كونها منهجا فكريا، مؤكدا أن الإسلام يلتزم بحقوق أصحاب الديانات السماوية كافة، مستشهداً بحديثِ لرسول الله "من آذى ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه، خصمته يوم القيامة".
وأضاف صالح عضو لجنة صياغة التعديلات الدستورية، خلال مناظرة سياسية لمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مساء أمس، الثلاثاء، أن الدين الإسلامى يمنع الاعتداء على أصحاب الديانات الأخرى، معتبرا مصطلح الدولة الدينية والمدنية لا أساس له فى الواقع، وأن هذه مجرد ترجمات جوفاء للغات أجنبية وكلمة "الثيو قراطية" لا تعنى الدولة الدينية وتعنى الدولة التى تحكم بالحق الإلهى.
وأوضح صالح، أن الإسلام لعن الدولة الثيو قراطية فى أكثر من 91 موضعا فى القرآن الكريم، وأن الحق الإلهى ملعون فى القرآن، مؤكدا أنه يلعن ما يلعنه القرآن.
وقال الدكتور عمار على حسن، الباحث والناشط السياسى، إن القنوات الفضائية امتلأت بـ"تجار الدين الجدد"، مشيراً إلى أن ثورة 25 يناير كانت مدنية على كل المستويات حتى تم استدعاء الدين بشكل لم يسبق له مثيل، مؤكداً على وجود من يسعون لتجميد حالة السيولة التى أنتجتها ثورة 25 يناير لخدمة مصالحهم الخاصة.
ووصف حسن، وضع الحريات الدينية فى مصر بـ"المريض" استناداً لما ذكرته التقارير الدولية حول الأوضاع بمصر، مشدداً على أن الإسلام لم يدع إلى أن يختزل ذلك الدين فى دولة بعينها أو أشخاص معينين لأن الإسلام هو دين للبشرية كلها.
وشهدت الندوة هجوماً قبطياً حاداً على قيادى الجماعة صبحى صالح بعدما تفوه بعبارة أن الأقباط أهل ذمة، الذين أكدوا بدورهم أنهم ليسوا فى ذمة أحد.
وتدخل أحد الحاضرين رداً وبهدف السخرية من تصريحات صالح طالباً الأمان، وقال المحامى قرين وهبة:" أنا عايز أتكلم مع الأستاذ صالح لأنه بقى كبير دلوقتى، أنت من جماعة الإخوان المسلمين التى ترفع شعار الإسلام دستورنا والرسول قائدنا، أما أنا فمواطن مسيحى وأنت تعتبرنى إما مشرك بدينك فتقتلنى أو أنك ستطلب منى دفع الجزية، وفى النهاية أنا أخشى من التعامل معكم لأنكم تراوغون".
وقال المفكر القبطى كمال زاخر، إن مصر انهارت وأصبحت تجنى ثمار "الفوضى الخلاقة" وليس الفوضى الخلاقة التى بشرت بها" كوندليزا رايس"، ونريد دولة مدنية، واصفاً استخدم الإخوان المسلمين لمصطلح "الدولة الدينية"، بالمراوغة الجديدة من الجماعة الذين يجيدون المناورات منذ نشأة الجماعة فى 1928، مشيراً إلى أن تصريحات صبحى صالح الأخيرة على عكس تصريحات الجماعة "المراوغة".
وأضاف زاخر:" لا أقبل أن أعامل كمواطن فى ذمة مواطن آخر، وهذا ليس تشكيكاً فى ذمة المسلمين"، مبدياً خوفه فى المبدأ الذى يرفعه الإسلاميون وهو "لكم ما لنا وعليكم ما علينا"، مبرراً ذلك بأنه يخشى العبارات التى يرفعها البعض ويدعوننا إلى عدم الخوف من الدولة الدينية، معتبراً أن الشريعة الإسلامية تنطبق مع الشريعة اليهودية فى كونها ترفع شعار "العين بالعين".
وأكد وليم سبتون قسيس كاثوليكى، أن جماعة الإخوان المسلمين أول من استخدموا "العنف" لتحقيق مصالح سياسية، موجهاً سؤالا لصالح :"هل يجب أن نكون جميعاً مسلمين ليتم الاعتراف بنا ككيان على أرض مصر"، مندداً بتصريحات الإخوان والسلفيين التى تبتعد عن الدولة المدنية وتنسب على أنها تمثل الإسلام.
قال المحامى نجاد البرعى، الناشط الحقوقى والرئيس التنفيذى للمجموعة المتحدة للمحاماة، إن مصر بلد متعدد الأعراق والديانات، مشيراً إلى وجود عدد من الديانات الأخرى مثل الشيعة والأمازيغ الذين يصل عددهم فى مصر إلى 23 ألف نسمة، يتركز معظمهم فى "واحة سيوه"، مشدداً على أنه عند وضع أى دستور يجب أن تمثل فيه كل الأطراف والديانات وأن يرى كل شخص نفسه فى الدستور.
وأكد البرعى، على المبدأ القائل "إن الدولة لا دين لها"، داعياً لإجراء تعديل على نص المادة الثانية للدستور ليكون نصه: "غالبية سكان مصر يدينون بالإسلام وعلى الدولة أن تحترم وتحمى جميع من يدينون بديانات أخرى"، مشيراً إلى أن النص على أن دين الدولة الرسمى هو الإسلام يقصى أصحاب الديانات الأخرى.
من جانبه قال محمد منير مجاهد، منسق مجموعة مصريون ضد التميز الدينى، أن جماعات الإسلام السياسى تزعم أن الدولة الدينية دين ودولة، واصفاً ذلك بـ"خداع" لأصحاب العقول البسيطية"، معتبراً أن الدولة الدينية يحكم فيها الحاكم باسم الله.
وطالب منسق مجموعة مصريون ضد التمييز الدينى، بدولة مدنية ديمقراطية يتم فيها عزل الرئيس ومحاكمته عندما يخطئ، ودولة يتم فيها توفير الحريات للأقليات الدينية والعرقية.